يكتب محمد عبد الله سيد
يظل ملف التصالح مع الإخوان واحدًا من أهم الملفات المثيرة للجدل بعد ثورة 30 يونيو،التى قام بها الشعب المصرى العظيم
وتظهر مبادرات من حين لآخر بعضها يسعى لتحقيق مصالح الجماعة فى العودة للحياة السياسية مرة ثانية بكل الطرق بعد أن تم وضعها فى قائمة الجماعات الإرهابية.
الأخطر من ذلك أن تظهر تلميحات من مسئولين فى الدولة حول إمكانية التصالح مع الجماعة ، فى إطار مايطلق عليه المصالحة الوطنية، بما يسمح بعودة الجماعة للعمل السياسى.
« » رصد محرر العالم الحر .. محاولات عودة الإخوان من خلال حزب سياسى جديد، والتفاوضمع الدولة لإتمام عملية المصالحة، لكننا نحذر فى الوقت ذاته من إتمام هذه الخطوة المرفوضة بكل الطرق من قبل الشعب المصرى، والذى يظل معاديًا لجماعة يدها ملوثة بدماء المصريين.
تصريحات خرجت من المستشار مجدى العجاتى، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب، ومن بعض النواب أيضًا، خاصة نواب ائتلاف (دعم مصر) تؤكد أن هناك اتجاهًا للمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية.. فالعجاتى قال: «ملتزمون بتطبيق الدستور، الذى أوجب العمل على إقرار المصالحة الوطنية بين فئات الشعب، بشرط ألا تكون أيديهم تلوثت بالدماء، أو نسبت إليهم أفعال إجرامية، وإذا كانت هناك فئة تعارض ذلك فهذا شأنهم، ولكننا كحكومة ملتزمون بتطبيق نصوص الدستور»، لتأتى بعد ذلك تصريحات السفير مخلص قطب الأمين العام للمجلس القومى لحقوق الإنسان الذى أشار إلى أن المصالحة مرجعيتها الدستور، الأمر الذى فتح الباب على مصرعيه أمام مئات من علامات الاستفهام عن الهدف من فتح ملف المصالحة مرة أخرى، وما إذا كان هناك ضغط دولى على مصر لقبول الإخوان مرة أخرى أم هو مجرد جس نبض للشارع ليس أكثر، بالإضافة لقانونية عودة الإخوان للمشهد بعد كل الاتهامات التى وجهت إلى الجماعة واعتبارها جماعة إرهابية، وإدراج الحكومة لها على قوائم الإرهاب فى 2013، كما أدرج النائب العام هشام بركات حينها، المرشد العام محمد بديع و17 من قيادات الجماعة على قوائم الإرهاب أيضًا، وهو الأمر الذى يزيد من علامات الاستفهام. السعودية وفرنسا والإمارات
المعلومات التى حصلنا عليها بهذا الشأن تفيد بأن المصالح الاقتصادية بين مصر وعدد من الدول، وإعادة الحديث عن العلاقات المصرية التركية كانت أحد أهم الأسباب التى أعادت أمر المصالحة بين الإخوان والسلطة للتداول مرة أخرى، وعلى رأس تلك الدول السعودية والإمارات الذان تقفان وراء الأمر بشكل كبير، كما أن ملف إيران هو الآخر بات أحد المحركات القوية للتقارب المصرى السعودى التركى، كل هذه العناصر دفعت الحكومة المصرية للتوجه للمصالحة.
مصادر خاصة كشفت أن هناك عددًا من الرسائل المتبادلة تمت خلال الفترة الماضية بين الحكومة وقيادات إخوانية سرًا، وأن هناك جلسات فى السجون مع بعض القيادات، كما كانت هناك مراسلات مع القيادات الموجودة فى الخارج منهم إبراهيم منير ومحمود عزت ومحمود حسين وعمرو دراج، الذين قدموا عددًا من التنازلات خلال الفترة الماضية، شرط أن ترفع الجماعة من على القوائم الإرهابية ويعودون للحياة السياسية، وكذلك الإفراج عن المعتقلين الذين لم تصدر بحقهم أحكام، وتعويض أسر الضحايا، وتبقى النقطة الخلافية التى لم تحسم حتى الآن من جانب الحكومة هى عملية الإفراج عن المعتقلين، بالنسبة للقيادات الصادر بحقها أحكام.
فيما كشف الدكتور سعد الدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، العديد من التحركات التى تمت خلال الفترة الماضية، حيث أكد أن السعودية وفرنسا تقودان عملية المصالحة وأنهما يمارسان ذلك الدور منذ فترة طويلة.
واستنكر إبراهيم الهجوم الشرس الذى تعرض له حينما طرح مبادرة الصلح، التى تطرح الآن من خلال ممثلى الحكومة، موضحًا أنه لا يمكن لأى فرد فى الحكومة أن يتحدث عن هذا الأمر دون إشارة خضراء من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكان عليهم أن يعوا الأمر قبل الهجوم على شخصى.
وتابع إبراهيم «الاستراتيجية الجديدة التى وضعها الرئيس والمتمثلة فى التوجه شرقًا، والتى تستهدف إقامة علاقات قوية مع غزة وتركيا والصين، وكذلك العلاقات مع الدول الأوروبية، أحد أهم الدوافع التى ترجح كفة المصالحة، حيث يستلزم التوجه الجديد توافقًا داخليًا وخارجيًا أيضًا، ما يعنى ضرورة التوافق المصرى التركى، حيث باتت كلتا الدولتين فى أمس الحاجة إليه، فإشارة رئيس الوزراء التركى لإعادة العلاقات مع مصر إلى مسارها الطبيعى ترتبط جليًا بملف الجماعة، خاصة أن القيادات الإخوانية تقطن بتركيا وتتمتع بالحماية هناك».
وأشار إبراهيم إلى أن الوضع يوحى بأن هناك تواصلًا تم بين الحكومة وبين قيادات الإخوان، وأن محمود عزت كان دائم التواصل مع الحكومة، وأن دخوله وخروجه من مصر كان بعلم الجهات الأمنية، التى تواصلت أيضًا مع عدد من القيادات فى الداخل والخارج.
العلاقة مع تركيا
من المعلوم أن توتر العلاقات المصرية التركية كان إزاء الأزمة مع جماعة الإخوان وإيواء الأخيرة لهم، والتصريحات المناصرة من أردوغان لهم، التى حملت العدائية لنظام 30 يونيو، وخلال الجولات التى خاضتها بعض الدول الفترة الماضية كانت القاهرة متمسكة بمطالبها، وعلى رأسها مناقشة تهريب أموال مصرية بواسطة عناصر إخوانية إلى تركيا، ووقف الدعم للميليشيات المسلحة فى ليبيا، ووقف التحريض على النظام المصرى عبر فضائيات إخوانية تبث من الأراضى التركية، وكانت استجابة أنقرة لهذه الشروط بداية لتغير فى الموقف المصرى تجاه ملف الجماعة، وكشفت مصادر أن أنقرة استجابت وأنها تُجرى الآن إعادة ترتيب بعض الأوضاع المتعلقة بالنقاط الخلافية بين البلدين.
وكان أولى شرارات تحسن العلاقات مع تركيا وقيادتها للمصالحة بين النظام والإخوان، ما أدلى به رئيس الوزراء التركى الجديد بن على يلدريم من تصريحات قال فيها إنه يريد أن يفتح صفحة جديدة مع عدة دول، عن طريق إرسال رسائل تصالح لها، وتضمنت قائمة الدول مصر وإسرائيل، حيث بات ملف المصالحة مع الجماعة مرتبطًا بملف تركيا.
من جانبه قال كرم سعيد الباحث فى الشئون التركية بمركز الأهرام، إن التوجه التركى الآن يتجه إلى المصالحة مع عدد من الدول على رأسها مصر، خاصة بعد صعود الأكراد وتوتر العلاقات التركية مع عدد من الدول، منها ألمانيا وسوريا وروسيا، وهو ما يمثل عبئًا كبيرًا على المرحلة المقبلة فى تركيا.
وأضاف سعيد «السعودية تسعى لعقد مصالحة بين تركيا ومصر، ولا يستبعد أن تكون مستمرة حتى اللحظة فى قيادة العملية».
لا للمصالحة
الدكتور كمال الهلباوى المتحدث الأسبق باسم الجماعة فى لندن، استنكر الحديث عن المصالحة من الجانب الرسمى للدولة، مؤكدًا أن تلميحات الحكومة وتصريحات العجاتى لا قيمة لها ولن تقدم أو تؤخر، وأن الأمر لا يتطلب سوى تطبيق القانون الذى يضع من تلوثت أيديهم بالدم الآن فى السجون، ويترك الحرية لمن لم تتلوث يداه بالدم فى العيش بشكل طبيعى.
من جانبه قال النائب سمير غطاس، عضو لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان «الإخوان لم يصدروا أية بيانات بشأن رغبتهم فى الصلح أو عدمه، وهو ما يضع المسئولية الكاملة على عاتق الحكومة، التى تختبر الرأى العام عبر تصريحات العجاتى».
وأشار غطاس إلى أن مسارعة ائتلاف دعم مصر بالإعلان عن موافقته على المصالحة المشروطة، يعنى أن هذا التوجه بات رسميًا من قبل الدولة.
والسؤال المنطقى لسادة المسؤلين من يدفع ويحاسب على دا ابناء الوطن